ولد أبو الطيب أحمد بن الحسين في محلة يقال لها كندة بالكوفة (303هـ) وهي نفس عام ولادة سيف الدولة (أبو الحسن بن عبدالله بن حمدان العدوي) الذي سيكون له معه شأن عظيم.
خرج المتنبي من الكوفة إلى الشام في صباه حيث نشأ بها وتأدب علي من لقي من علمائها وأدبائها إلى أن استطاع أن يكون نادرة الزمان في عالم الشعر وأخذ يتنقل بين مدن الشام يمدح أمراءها وأشرافها . حتى التقى بسيف الدولة واتصلت بينهما أسباب المودة.
تولي سيف الدولة الملك علي حلب بعد انتزاعها من يد أحمد بن سعيد الكلابي عام (333) وكان سيف الدولة محباً للشعر والشعراء إذ كان هو نفسه شاعراً وأديباً وقد اجتمع ببابه عدد من الشعراء لم يجتمع مثلهم بباب غيره من الحكام بعد خلفاء بني أمية وبني العباس.
كانت مناسبة اتصال سيف الدولة. أن سيف الدولة قدم انطاكية سنة (337هـ) فالتقي بالمتنبي عند أبي العشائر فتعرف عليه وعرف مقدار براعته في نظم الشعر فطلب منه مصاحبته. فاشترط المتنبي أن لا ينشده الشعر إلا وهو جالس ودون تقبيل الأرض بين يديه فوافق على ذلك سيف الدولة ومنحه المكانة الفضلي وأجازه الجوائز القيمة إلى جانب راتب سنوي مقدارها (3000) دينار وهدايا واقطاعات الأراضي.
وبعد تسع سنوات حافلة بالعطاء قيل أن ما نظمه المتنبي خلالها في مدح سيف الدولة يبلغ ثلث شعره... سعي الوشاة والمتنافسون وفي مقدمتهم (أبو فراس الحمداني) وهو شاعر قريب من سيف الدولة، وكذلك أبو العلاء المعري في بذر أسباب الخلاف بين المتنبي وسيف الدولة والذي علي أثره اضطر المتنبي مغادرة الشام سنة (346هـ) إلى مصر حيث لقي كافور الاخشيدي ملك مصر الذي أجزل له العطايا كما وعده أن يبلغه كل ما يطمح إليه.. ولكن كان ذلك مجرد وعود من كافور، ولما لم يتحقق حلم المتنبي الذي هو تولي ولاية إحدى الإمارات أو المحافظات بلغة اليوم بادر إلى هجاء كافور بأقذع قصيدة، ومغادرة مصر متوجهاً إلى بغداد ومنها إلى بلاد فارس عبر أرجان التي كان بها ابن العميد فمدحه وله معه مساجلات عدة، ثم ودعه وسار قاصداً عضد الدولة بشيراز فمدحه ثم انصرف عائداً إلى بغداد فالكوفة في أوائل شعبان سنة (354هـ) فاعترضه في الطريق فاتك بن أبي جهل الأسدي ومعه جماعة من أصحابه أكثر عدداً من الجماعة التي كانت ترافق المتنبي فجرت بينهما مناوشات ومعارك قتل في نهايتها بالأيام الأخيرة من رمضان من ذلك العام. ودفن المتنبي وابنه محسد وغلامه مفلح بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من أسوار بغداد، وقد توفي بعده بعامين سيف الدولة سنة (356هـ).
هكذا مات المتنبي من قبل أكثر من ألف عام وظل شعره شاغل الناس إلى يومنا هذا وربما إلى آخر الدهر... وهو ما كان يطمح إليه عندما قال:
وما الدهر إلاّ .... (إلى آخر البيت)
وهذه مرثية نظمها عندما فقد أحد أعزائه باللاذقية إذ يقول:
ما كنت أحسب قبل دفنك في الثري ***** أن الكواكب في التراب تغور
ما كنت آمل قبل نعشك أن أري ***** رضوى على أيدي الرجال تسير
خرجوا به والكل باكٍ خلفه **** صعقات موسى يوم دُكَّ الطور
والشمس في كبد السماء مريضة **** والأرض واجفة تكاد تمور
وحفيف أجنحة الملائكة حوله **** وعيون أهل اللاذقية صور
حتى أتوا جدثاً كأن ضريحه **** في قلب كل موحد محفور
بمزود كفن البلي من ملكه **** مغف واثمد عينه الكافور
فيه السماحة والفصاحة والتقى **** والبأس أجمع والحجى والخِير
رضوى: اسم جبل بمدينة ينبع بجنوب غرب المدينة المنوره بالحجاز
صور: جمع أصور وهو المائل
الجدث: القبر
الضريح: الشق في وسط القبر
الأثمد: الكحل
الخِير: الكرم
خرج المتنبي من الكوفة إلى الشام في صباه حيث نشأ بها وتأدب علي من لقي من علمائها وأدبائها إلى أن استطاع أن يكون نادرة الزمان في عالم الشعر وأخذ يتنقل بين مدن الشام يمدح أمراءها وأشرافها . حتى التقى بسيف الدولة واتصلت بينهما أسباب المودة.
تولي سيف الدولة الملك علي حلب بعد انتزاعها من يد أحمد بن سعيد الكلابي عام (333) وكان سيف الدولة محباً للشعر والشعراء إذ كان هو نفسه شاعراً وأديباً وقد اجتمع ببابه عدد من الشعراء لم يجتمع مثلهم بباب غيره من الحكام بعد خلفاء بني أمية وبني العباس.
كانت مناسبة اتصال سيف الدولة. أن سيف الدولة قدم انطاكية سنة (337هـ) فالتقي بالمتنبي عند أبي العشائر فتعرف عليه وعرف مقدار براعته في نظم الشعر فطلب منه مصاحبته. فاشترط المتنبي أن لا ينشده الشعر إلا وهو جالس ودون تقبيل الأرض بين يديه فوافق على ذلك سيف الدولة ومنحه المكانة الفضلي وأجازه الجوائز القيمة إلى جانب راتب سنوي مقدارها (3000) دينار وهدايا واقطاعات الأراضي.
وبعد تسع سنوات حافلة بالعطاء قيل أن ما نظمه المتنبي خلالها في مدح سيف الدولة يبلغ ثلث شعره... سعي الوشاة والمتنافسون وفي مقدمتهم (أبو فراس الحمداني) وهو شاعر قريب من سيف الدولة، وكذلك أبو العلاء المعري في بذر أسباب الخلاف بين المتنبي وسيف الدولة والذي علي أثره اضطر المتنبي مغادرة الشام سنة (346هـ) إلى مصر حيث لقي كافور الاخشيدي ملك مصر الذي أجزل له العطايا كما وعده أن يبلغه كل ما يطمح إليه.. ولكن كان ذلك مجرد وعود من كافور، ولما لم يتحقق حلم المتنبي الذي هو تولي ولاية إحدى الإمارات أو المحافظات بلغة اليوم بادر إلى هجاء كافور بأقذع قصيدة، ومغادرة مصر متوجهاً إلى بغداد ومنها إلى بلاد فارس عبر أرجان التي كان بها ابن العميد فمدحه وله معه مساجلات عدة، ثم ودعه وسار قاصداً عضد الدولة بشيراز فمدحه ثم انصرف عائداً إلى بغداد فالكوفة في أوائل شعبان سنة (354هـ) فاعترضه في الطريق فاتك بن أبي جهل الأسدي ومعه جماعة من أصحابه أكثر عدداً من الجماعة التي كانت ترافق المتنبي فجرت بينهما مناوشات ومعارك قتل في نهايتها بالأيام الأخيرة من رمضان من ذلك العام. ودفن المتنبي وابنه محسد وغلامه مفلح بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من أسوار بغداد، وقد توفي بعده بعامين سيف الدولة سنة (356هـ).
هكذا مات المتنبي من قبل أكثر من ألف عام وظل شعره شاغل الناس إلى يومنا هذا وربما إلى آخر الدهر... وهو ما كان يطمح إليه عندما قال:
وما الدهر إلاّ .... (إلى آخر البيت)
وهذه مرثية نظمها عندما فقد أحد أعزائه باللاذقية إذ يقول:
ما كنت أحسب قبل دفنك في الثري ***** أن الكواكب في التراب تغور
ما كنت آمل قبل نعشك أن أري ***** رضوى على أيدي الرجال تسير
خرجوا به والكل باكٍ خلفه **** صعقات موسى يوم دُكَّ الطور
والشمس في كبد السماء مريضة **** والأرض واجفة تكاد تمور
وحفيف أجنحة الملائكة حوله **** وعيون أهل اللاذقية صور
حتى أتوا جدثاً كأن ضريحه **** في قلب كل موحد محفور
بمزود كفن البلي من ملكه **** مغف واثمد عينه الكافور
فيه السماحة والفصاحة والتقى **** والبأس أجمع والحجى والخِير
رضوى: اسم جبل بمدينة ينبع بجنوب غرب المدينة المنوره بالحجاز
صور: جمع أصور وهو المائل
الجدث: القبر
الضريح: الشق في وسط القبر
الأثمد: الكحل
الخِير: الكرم